سيبقى يوم 7فبراير 2014 يوما مشهودا في تاريخ إسبانيا، حيث سجل قرارا غاية في الأهمية اتخذته حكومة ماريانو راخوي على درب مصالحة الإسبان مع جزء عظيم من تاريخهم امتد على طيلة ثمانية قرون، وذلك بتعديل القانون المدني لتمكين أحفاد اليهود الذين طردوا من الأندلس عقب سقوط مملكة غرناطة سنة 1492 من الحصول على الجنسية الإسبانية.
وزير العدل الإسباني، ألبرتو رويث غاياردون، الذي اقترح هذا القانون، اعتبر في تصريح للصحافة أن المجتمع الإسباني يكمل بهذه الإجراء تصحيح “واحد من أكبر الأخطاء التاريخية”، ويقصد بذلك طرد اليهود من الأندلس بعد تمكن الملوك الكاثوليك من القضاء على آخر معقل للمسلمين وإسقاط مملكة بني الأحمر.
بهذا التعديل أصبح بإمكان أكثر من 3.5 مليون يهودي من جميع أنحاء العالم، بينهم نصف مليون في إسرائيل، الحصول على الجنسية الإسبانية بفضل أصولهم من السفارديم وتعديل القانون المدني الذي أقرته الحكومة الإسبانية.
ومعروف أن اليهود السفارديم هم الذين تعود أصولهم الأولى ليهود أيبيريا (إسبانيا والبرتغال)، والذين طردوا منها في القرن الخامس عشر، وتفرقوا في شمال إفريقيا وآسيا الصغرى والشام، ويمكن التعرف عليهم بسهولة لأن لهم لغة خاصة “لادينو”، وكانت اللغة مزيجا من اللغة اللاتينية وتحوي كلمات عبرية.
هذه الخطوة خلفت ارتياحا كبيرا في الأوساط اليهودية، حيث بادر الآلاف من اليهود السفارديم إلى التوجه إلى القنصليات الإسبانية بمختلف أنحاء العالم للإدلاء بأية وثائق بحوزتهم تثبت ارتباطهم بيهود الأندلس وممارسة حقهم في العودة إلى أرض أجدادهم ولو معنويا.
وإذ نثمن هذه الخطوة الجبارة والتاريخية التي أقدمت عليها الحكومة الإسبانية، نعرب عن صادق أملنا أن تتبعها خطوات أخرى على طريق المصالحة الكاملة مع تاريخ إسبانيا المسلمة. فإذا كان طرد اليهود عقب سقوط غرناطة تعتبره الحكومة “واحدا من أكبر الأخطاء التاريخية” فنحن نعتبر طرد “الموريسكيين” من أرضهم “أكبر خطأ وأكبر جريمة ارتكبت في تاريخ البشرية.”
لا يسعنا في هذا المقام إلا أن نهنئ الشعب الإسباني على هذا القرار الصائب ونناشد الحكومة الإسبانية لاتخاذ قرار مماثل والاعتراف ب”الخطيئة الكبرى” التي ارتكبها الملوك الكاثوليك في حق أبناء شعبهم المسلمين وجبر الضرر، ولو معنويا، لأحفادهم الذين احتضنتهم الدول العربية عد طرد أجدادهم من وطنهم.
سعيد إدى حسن
رئيس مؤسسة الثقافة العربية بإسبانيا، رئيس مؤسسة أندلس ميديا للإعلام والاتصال.
Email: s.idahassan@gmail.com