Close Menu
Tanger Inter

    اشترك في نشرتنا الإلكترونية مجاناً

    اشترك في نشرتنا الإلكترونية مجاناً.

    فيسبوك X (Twitter) الانستغرام
    الأربعاء, سبتمبر 10
    فيسبوك X (Twitter) الانستغرام
    Tanger Inter
    • الرئيسية
    • تقارير و تحقيقات
    • مجتمع
    • ثقافة و فن
    • نوستالجيا
    • رياضة
    • اقتصاد
    • رأي
    • بروفايل
    • Pobre Tánger
    • شاشة طنجة أنتر
    Tanger Inter
    الرئيسية»رأي»درهم رمزي
    رأي

    درهم رمزي

    عبد الباري عطوانبواسطة عبد الباري عطوانفبراير 25, 2014تعليق واحد4 دقائق
    فيسبوك تويتر بينتيريست لينكدإن Tumblr البريد الإلكتروني
    شاركها
    فيسبوك تويتر لينكدإن بينتيريست البريد الإلكتروني

    امرأة، يبدو أنها تقترب من الثمانين أو تجاوزتها، تجلس على حافة طريق بضوء باهت، وتنظر إلى العابرين بحسرة ولا تسألهم شيئا. تدندن مع نفسها كأنها أضاعت شيئا عزيزا لا تعرف كيف تسترده، ثم تشد بقبضتها اليمنى على شيء ما وتطوف ببصرها حولها وتنتظر من عابر ما أن يعيد لها ما فقدته.

    كانت المرأة ترتدي جلبابا أسود نظيفا وغطاء رأس مزركش وهي أبعد ما تكون عن التسول. مررتُ من قربها فنظرتْ إلي كما لو أنها تتمنى أن أساعدها في قضاء شيء ما. توقعتُ أن أسمع منها عبارة واضحة ومباشرة تشرح فيها ما تريده، كأن تطلب صدقة أو إرشادا أو أي شيء، لكن المرأة توسمت فيّ ذكاء لا أملكه، لذلك بقيت أرطن في هاتفي بلا مبالاة وتوقفت غير بعيد أنتظر صديقا وأتأفف من تلك السيارات المجنونة التي يبدو أن سائقيها من “الحلاليف” وليسوا من البشر.

    بعد هنيهة رأيت امرأة أخرى تُنصت إلى تلك المرأة الجالسة ثم طفقتْ تبحث عن شيء ما برأس منكسة على الرصيف وكأنها تبحث عن إبرة في كومة قش. كانت المرأة الجالسة على الرصيف تشكر المرأة الأخرى على جهودها وتقول لها إنه ربما يكون قد تدحرج مع المنحدر أو أخذه شخص ما. تعبت المرأة الأخرى في البحث عن الشيء المفقود ثم زمّت شفيتها أسفا وانصرفت. بقيت المرأة الحزينة وحيدة تنتظر أن يعيد لها أحد ما فقدتْه.

    اقتربت منها قليلا فوجدتها قد طفقتْ تلمس الرصيف الوسخ بيدها لعلها تجد شيئها المفقود بحظ لا يسعفها فيه ضعف النظر وهوان العمر. كان المكان مظلما قليلا إلا من أضواء سيارات مجنونة. لم تسألني المرأة مساعدة لكني بدأت أبحث حيث تبحث وأنا أسأل نفسي عمّ يمكن أن تبحث عنه هذه المرأة البئيسة بكل هذا الحماس.. وهذا الحزن أيضا.

    فجأة لمحت شيئا يلمع في قلب الظلام كما لو أنه ماسة نادرة أو لؤلؤة خرجت لتوها من قلب المحيط. ترددت قليلا قبل أن أفاجئ المرأة بخبر لم تكن تنتظره وهي أني وجدت ما كانت تبحث عنه. اقتربتُ من ذلك الشيء البراق وأخذته بين يديّ وقلت لها بشيء من التردد: يبدو أن هذا ما كنت تبحثين عنه سيدتي (قلتها بالدارجة طبعا). لمحت المرأة ما في يدي فبدا وجهها المجعد كما لو أنه يستعيد عقدا من عمره المفقود. نظرتْ إلي سعيدة وناولتها ذلك الشيء الذي كانت تبحث عنه. كان درهما لا أقل ولا أكثر، لكن من حسن حظي وحظها أنه كان براقا، وإلا لضاع بين الأرجل والغبار.

    تناولت المرأة ذلك الدرهم وابتعدتُ عنها خطوتين، لكني سمعت منها دعاء لم أتوقعه أبدا. لقد سألت الله أن يُمتعني دوما بطول الصحة والعافية، وأن يجعل نظري نورا على نور، وأن يُنوّر طريقي بالخير والبركة ويبعد عني الظلام والظلمات.

    شعرت بقشعريرة وأنا أسمع دعاء تلك المرأة التي ضاع منها درهم فأعدته لها. بدوتُ كما لو أنني لم أستوعب ما يجري لذلك ساعدتني تلك المرأة في فهم الوضع أفضل حين قالت لي إنها خرجت لشراء علبة حليب، وعندما سقط من يدها درهم، لم تجد حلا غير الجلوس على قارعة الطريق وانتظار معجزة العثور عليه وسط غابة من الأرجل واللامبالاة.

    مددت يدي إلى جيبي وهممت بنفح المرأة شيئا تشتري به ما هو أكثر من الحليب، لكني خفت أن أخسر كرامتي وكرامتها. قلت مع نفسي إن هذه المرأة ظلت نصف ساعة تنتظر العثور على درهمها الضائع، ولو أنها مدت يدها للعابرين لحصلتْ على عشرات أضعافه، لكنها امرأة كريمة لا ينبغي أن أخسرها وأخسر أدعيتها لي.

    عثرتُ على درهم مفقود لامرأة عفيفة وكريمة فحوّلتني إلى بطل، ثم ابتعدتْ متثاقلة وسط الزحام وأنا أرقبها ولا أكاد أصدق أنه لا يزال بيننا أناس بكل هذه العفة والكرامة. تخيلت تلك المرأة وقد عادت إلى منزلها بدون علبة حليب كانت ستشتريها لابنها أو حفيدها، أو ربما لنفسها، ومن كان سيعطي درهما لامرأة كريمة لا تمد يدها ولا تطلب شيئا من أحد؟ وكيف أن درهما واحدا يمكنه أن يُخرج امرأة فقيرة وكريمة من غياهب الحزن إلى فيافي الفرح.

    تذكرتُ كل اللاعبين بالملايير والمتلاعبين بصناديق المال في الملاهي والكازينوهات، والغارقين في أموال لا تنتهي حتى لو أحرقوها، وقارنتُ كل أموالهم مع درهم تلك المرأة، ففهمت أكثر معنى الكرامة.

    الكرامة رمز.. تماما مثل ذلك الدرهم.

    شاركها. فيسبوك تويتر بينتيريست لينكدإن Tumblr البريد الإلكتروني
    عبد الباري عطوان

    المقالات ذات الصلة

    الكلفة السياسية لعدم تجديد اتفاقية الصيد البحري

    يوليو 23, 2023

    الانتخابات الرئاسية اللبنانية بين الفيل والأرانب!

    يونيو 18, 2023

    معضلة ترامب تنتهي فقط بوفاته!

    يونيو 18, 2023

    تعليق واحد

    1. Ahmed on مارس 1, 2014 11:47 ص

      Très émouvant et très riche en enseignements, bravo mon cher ami! you are the best

      رد
    اترك تعليقاً إلغاء الرد

    Demo
    الأخيرة

    بعد رحيل ديمبيلي وغياب رافينها: جمال أمام فرصة لتثبيت موقعه بالبارصا

    أغسطس 16, 2023

    فضائح العشوائيات.. هل تتعرض سلطات طنجة للتنويم المغناطيسي من لوبيات الفساد

    أغسطس 16, 2023

    فضيحة مدوية: مسؤول عن التخييم ينتهك عرض طفل في شاطئ عمومي

    أغسطس 14, 2023

    ليموري.. عمدة طنجة “البامي” الذي يفتح الطريق لعودة “العدالة والتنمية”

    مايو 28, 2024
    أخبار خاصة
    الرئيسية

    ليموري.. عمدة طنجة “البامي” الذي يفتح الطريق لعودة “العدالة والتنمية”

    بواسطة adminمايو 28, 20240

    طنحة أنتر: لم يعد سكان طنجة قادرين على تحليل واقع مدينتهم بعقلانية لأن الأمور خرجت…

    لا مفاجآت كبيرة في لائحة الركراكي للمنتخب في إقصائيات المونديال

    مايو 28, 2024

    بسبب لقب الهداف: منافسة فردية بين اللاعبين في مباراة اتحاد طنجة و الرجاء البيضاوي

    مايو 28, 2024
    إتبعنا
    • Facebook
    • YouTube
    • TikTok
    • WhatsApp
    • Twitter
    • Instagram
    الأكثر قراءة
    اقتصاد

    السماعات الذكية.. أذنك أصبحت تملك حاسوبا! اشتري الآن

    8.9 بواسطة adminيناير 15, 20210
    طنجة أنتر

    هل تُفكر في السفر مع أطفالك؟ اجعلها تجربة مميزة

    8.5 بواسطة adminيناير 14, 20210
    ثقافة و فن

    خطة طوارئ لاستدعاء الجيش وخسائر منتظرة بالمليارات..

    7.2 بواسطة adminيناير 14, 20210
    Demo
    الأكثر مشاهدة

    بعد رحيل ديمبيلي وغياب رافينها: جمال أمام فرصة لتثبيت موقعه بالبارصا

    أغسطس 16, 20236 زيارة

    فضائح العشوائيات.. هل تتعرض سلطات طنجة للتنويم المغناطيسي من لوبيات الفساد

    أغسطس 16, 20234 زيارة

    فضيحة مدوية: مسؤول عن التخييم ينتهك عرض طفل في شاطئ عمومي

    أغسطس 14, 20234 زيارة
    اختيارات المحرر

    ليموري.. عمدة طنجة “البامي” الذي يفتح الطريق لعودة “العدالة والتنمية”

    مايو 28, 2024

    لا مفاجآت كبيرة في لائحة الركراكي للمنتخب في إقصائيات المونديال

    مايو 28, 2024

    بسبب لقب الهداف: منافسة فردية بين اللاعبين في مباراة اتحاد طنجة و الرجاء البيضاوي

    مايو 28, 2024

    مع كل متابعة جديدة

    اشترك في نشرتنا الإلكترونية مجاناً

    فيسبوك الانستغرام يوتيوب واتساب
    • الرئيسية
    • تقارير و تحقيقات
    • مجتمع
    • ثقافة و فن
    • نوستالجيا
    • رياضة
    • اقتصاد
    • رأي
    • بروفايل
    • Pobre Tánger
    • شاشة طنجة أنتر

    اكتب كلمة البحث ثم اضغط على زر Enter