طنجة أنتر – أ. مرادي:
العودة إلى تأمل صور طنجة من زمنها الدولي ليس وراءه حنين إلى ماض بلا معنى، بل هي للعبرة ونكاية في زمن تعم فيه الفوضى.
في هذه الصورة، وفي صور كثيرة غيرها، تبدو عمارات طنجة على قدر كبير من التنظيم والتناسق، وأكبرها علوا لا تزيد عن خمسة طوابق، وكلها بنيت بقدر كبير من العناية والتأنق، ولا تزال صامدة حتى اليوم أمام عمارات وحوش العقار التي تبدو بلا جمال ولا روح.
مع مرور الزمن، تحولت طنجة إلى كتلة من الفوضى، واغتنى كثير من السلطويين والمنتخبين الفاسدين من هذه الوضعية وحولوا المدينة إلى كارثة، سواء فيما يخص الطوابق المبالغ فيها أو فيما يخص الأحياء العشوائية، التي تحولت إلى براميل بارود حقيقية يمكن أن تنفجر في أي وقت، لكن المسؤولين الفاسدين كانوا يعتبرون طنجة مغارة للاغتناء بأية وسيلة.
اليوم، هناك عمارات نحيلة مثل المسامير بطوابق كثيرة، إلى درجة يُخشى أن تهب رياح الشرقي بقوة فتحولها إلى رميم، وهناك عمارات فوق الوديان ومجاري المياه والخنادق، دون الحديث عن العمارات المبنية فوق المناطق الخضراء، لأن هذا الموضوع لو فتح فسيدفع بنصف من حكموا طنجة، سواء سلطويين أو منتخبين، إلى السجن.
حاليا يدور حديث خطير بين السكان، وهو أن هناك إقامات قيد التشييد مُنحت لها تراخيص بحوالي 30 طابقا، أو 25 على الأقل، وهذا ليس خطيرا فحسب، بل ينبغي فتح تحقيق جدي حوله ومعرفة من يتلاعبون بمصير طنجة. عندما نطلع على صور الماضي نرى أولئك “الأجانب” الذين كانوا يخشون على طنجة وسكانها من المخاطر، وحين نرى الوضع الحالي في طنجة نكتشف كيف أن هؤلاء المسؤولين والمنتخبين المغاربة يتلاعبون بطنجة وبمصير سكانها بوقاحة مفرطة، إنهم يكذبون على الناس بعبارات رنانة مثل “طنجة الكبرى” وغيرها، بينما يحولونها إلى كارثة.
ويبدو أن طنجة أضحت في أمسّ الحاجة لهيأة غير رسمية تضم نخبة من أبنائها لمحاسبة المتلاعبين بالمدينة، ومتابعتهم أمام المحاكم.. فهذه المدينة لم تعد تحتمل كل هذا العبث. أما قضية الغابات والمناطق الخضراء.. فتلك حكاية أخرى.